هل قرر حزب تواصل خوض المعركة مع النظام؟(المؤشرات، والأسباب)
الصورة من إرشيف موقع الوسطبشكل مفاجئ، وغير متوقع قررت وزارة الداخلية إغلاق جمعية المستقبل، وملحقاتها، دون سابق إنذار، قرار ترافق مع اتهام رسمي لجهات محسوبة على حزب تواصل باستغلال هذه الهيئات الخيرية، لتحقيق مكاسب سياسية، وتأجيج الشارع..
قرارات بدت صادمة للتيار الإسلامي، ممثلا في حزب تواصل، الذي عقد مؤتمرا صحفيا يوم 8 من الشهر الجاري للرد على هذه القرارات، وكان لافتا في ذلك المؤتمر ميل رئيس الحزب محمد جميل منصور إلى التهدئة مع النظام، والجنوح للسلم، مع إدانة إغلاق المستقبل، رغم أن الحبر الذي كتب به قرار حل الجمعية لم يجف بعد.
والمتابع لوسائل الإعلام – خصوصا المواقع الإلكترونية المحسوبة على حزب تواصل، ونشطاءه على الفيسبوك- يلاحظ أنهم جميعا دخلوا في هدنة غير معلنة مع النظام، وغابت التعليقات، والتدوينات النارية المهاجمة، التي كانت تملأ صفحاتهم حتى قبل إغلاق المستقبل.
وبعد مرور أسبوع، وأكثر على "الضربة الأولى" التي وجهها النظام للأذرع الخيرية، والدعوية لحزب تواصل تظهر مؤشرات تدل على أن تواصل ربما حسم أمره، واتخذ قرارا بخوض هذه المواجهة، لأنها فرضت عليه، ولكن ما مؤشرات الاستعداد للمواجهة لدى حزب تواصل؟؟ وما العوامل التي جعلته يحسم خياره؟؟
أول مؤشر على استعداد تواصل لمواجهة النظام، أو خوض معركة الدفاع عن مكتسباته ظهرت في إعلامه، فبدأ الترويج للمقابلة التلفزيونية التي سيجريها رئيس الحزب جميل منصور، وقدمت على أنها هامة، وحاسمة، وجاءت المقابلة المنتظرة، وبدا واضحا من الوهلة الأولى تغير نبرة جميل منصور على ما كانت عليه في المؤتمر الصحفي قبل أسبوع، فنبرة التحدي للنظام، وتسفيه خياراته، وتحذيره بدت واضحة في مقابلة ولد منصور مساء أمس، أو فجر اليوم، إلى أن جاءت الجملة الحاسمة، التي قال فيها ولد منصور:" نحن نتاج مواجهة مع الأنظمة" .
وهي الجملة التي تلقفنها بعض مواقع الحزب على الإنترنت لتجعلها عنوانا بارزا، رغم أن ولد منصور أدلى بجمل كثيرة مهمة، يمكن التوقف عندها، لكن اختيار تلك المواقع لجملة الاستعداد للمواجهة لا يخلو من دلالة.
كما ركزت بعض مواقع الحزب على الإنترنت على خطبة إمام مسجد أسامة بعرفات (مسجد ول الددو) وهي الخطبة التي ألقها في الجمعة أمس، وردد فيها الإمام الكثير من أدبيات تيار الإخوان المسلمين: من النصرة للدين، والتمكين له، والدفاع عنه، وقال الإمام: لن نتراجع، ولن نعط الدنية في ديننا، وكأنه يشحذ همم أنصاره لمعركة قادمة لا محالة.
وترافقت هذه المؤشرات مع أنباء صحفية تفيد بأن حزب تواصل، والجمعيات الداعمة له بدأت بسحب أموالها إلى الخارج، استباقا لتجميد النظام لأرصدتها، أو مصادرتها.
أما لماذا حسم الحزب خيار المواجهة مع النظام في هذا التوقيت بالذات؟ فلعل العوامل التالية تقف خلف ذلك.
أولا: إصرار الحكومة – ممثلة في الناطق باسمها وزير الاتصال- على المضي قدما في قرار إغلاق جمعية المستقبل، واتهام رموزها بمخالفة القانون، وكأن حزب تواصل انتظر قليلا، وأعطى مهلة للنظام، لعله يراجع قراراته، ولما تبين أنه متماد فيها، جاء خيار المواجهة.
ثانيا: عودة الشيخ محمد الحسن ولد الددو من الخارج، وهو المعني الأول بقرار حل جمعية المستقبل، كونه رئيسها، فقد يكون حزب تواصل انتظر حتى يتشاور مع الشيخ الددو قبل الإقدام على أي خطوات.
وما بين الاستعداد للمواجهة، والتأكيد على السعي للتهدئة تدور سيناريوهات المعركة بين النظام، وحزب تواصل، معركة – إن بدأت فعلا- لن تكون معركة تقليدية، مثل معارك الأنظمة السابقة مع التيار الإسلامي في البلاد، فهذا التيار بات مسلحا برصيد شعبي معتبر، وخبرة متراكمة لا يستهان بها، ووسائل حديثة للدفاع، والهجوم أبرزها الإعلام، الذي يمتلك التيار الإسلامي في موريتانيا ناصيته بلا منازع.
سعدبوه ولد الشيخ محمد
