قيادة الحراك الشبابي ،بين الحرص على المنصب الوزاري والرغبة في التمثيل البرلماني
رغم أن ابرز نتائج الحوار الوطني في موريتانيا، هي منع الترحال السياسي بين الأحزاب،لترسيخ القناعات الفكرية والسياسية للافراد، وتعزيز مكانة الأحزاب في المشهد السياسي، إلا أن استقطاب حزب سياسي قائم لوحده لباقي الأحزاب السياسية، يعد مشكلة بنيوية خطيرة تطرح العديد من التعقيدات والإشكالات، أبرزها انفصام الثقة المفترضة بين المواطن والبرامج السياسية المتنافسة، وانعدام قيمة الالتزام الحزبي والسياسي، الذي يطبع العلاقة بين بعض الأحزاب السياسية والمنخرطين فيها، الأمر الذي يزيد من استفحال ظاهرة الارتباط المصلحي والانتهازي، في ظل نظام سياسي يقول القائمون على أنهم أرسو مبادئ جديدة بعيدة عن قواعد الزبونية والريع السياسي، التي ظلت سمة غالبة لطبيعة النظام طيلة العقود الماضية.
ومع أن البعض شكك في دستورية هذا الإجراء الذي يمنع ترشح المستقلين والترحال السياسي، الذي عانت منه أحزاب كثيرة في السنوات الماضية، وخاصة المعارضة منها، حيث اعتادت على مغادرة كثير من برلمانيها ومنتخبيها نحو الأغلبية ودوائر الحكم ،إلا أن الجديد هذه المرة هو نزوح بعض مرشحي الأغلبية الداعمة نحو ما يسمى الحزب الحاكم،وأخص بالذكر حزب الحراك الشبابي الذي تعرض لحملة خطيرة من طرف الاتحاد من اجل الجمهورية، أدت إلى تجميد العديد من لوائحه وانضمام أصحابها لحزب الاتحاد من اجل الجمهورية،بشكل أربك المشهد، و أصبح البعض يقول: إن هناك محاولات لوأد هذا الحزب وهو مازال في المهد،فهل كان يشكل خطورة على النظام؟ أم أن الأمر لايعدو كونه إعادة لتشكيل الحزب الواحد بغية ضمان أغلبية مريحة ومن نفس التيار السياسي، ولكن لماذا تفضل قيادة هذا الحزب التزام الصمت أمام ما يحدث، بدل تقديم استقالتها من أجل كسب شعبية حزبية تمكنها من فرض إرادتها في البرلمان مستقبلا؟ ربما هو تفضيل المقعد الوزاري على الموقف والكرامة والالتزام الحزبي،وهكذا يبقى الساسة في موريتانيا قديما وحديثا طالبي مكاسب شخصية ومغانم ظرفية،ولا يمكنهم التقيد بالمبادئ، وهو ما يعني أننا سنشهد غدا نوعا جديدا من الترحال السياسي بألوان أخرى.