"هابا توك" .... / عال ولد يعقوب
تعني كلمة "took" في قاموس المعاني بالإنكليزية " أَخْذُ" و يبدو أن "الهابا" أخذت على عاتقها الدفاع عن النظام، و الوقوف في وجه النقد سواء كان نقدا صحفيا مباحا، أو قذفا صحفيا نقديا، مع التنبيه إلى تداخل الحد الأعلى للنقد للأول مع الحد الأدنى للثاني.
و رغم أننا في دولة ديمقراطية لا تتوفر فيها محكمة مختصة في شؤون الإعلام، و أن السلطة العليا للسمعيات البصرية " الهابا" هي الجهة المخولة بالقيام بالتحقيق في التجاوزات و اتخاذ العقوبات في هذا المجال، إلا أن الهبة الأخيرة لهذه الهيئة التي تعنى بالدرجة الأولى بالسهر على تطبيق التشريعات والنظم المتعلقة بالصحافة والاتصال السمعي البصري قد أثارت جدلا كبيرا بين المهتمين، و المشتغلين بالحقل الإعلامي، و ولدت ردود أفعال ناقدة في أغلب الأحيان ،واتهامات بأنها نصبت نفسها كمدافع عن رموز النظام، و تحولت شيئا فشيئا إلى عصى غليظة للتأديب، و ربما إسكات الخصوم.
و قد شكل قرار الحظر المؤقت لبرنامج "صحراء توك" صدمة للرأي العام و لم تقنع الحجج التي قدمتها " الهابا" كأسباب للقرار، لأنها بدت واهية وفاقدة للمصداقية، و غير كافية لحظر برنامج يحظى – على علاته- بشعبية واسعة بين المستمعين، و لكن هل كان برنامج "صحراء توك برنامجا صحفيا نقديا، أم أن زايد سمح لنفسه بتجاوز محارم القانون باستعمال السباب و الشتائم في سبيل الوصول إلى الشهرة؟ و ما تأثيرات هذا القرار على مستقبل حرية الإعلام التي ما فتئ النظام يؤكد أنها قرار لا رجعة فيه؟
يذهب المختصون في هذا المجال إلى وجوب توفر شرطين في مجال النقد الصحفي ليكون نقدا مباحا، وهما:أن يكون النقد مشروعا و منحصرا على الواقعة من جهة ،و ملائما للواقعة المنتقدة من جهة ثانية.
لا يوجد فيما ورد من " التجاوزات" التي قدمتها " الهابا" ما يفيد بأن " زايد" مارس نقدا غير مشروع خاصة ما يتعلق بقضايا معروضة أمام القضاء أو النيابة أو التحريض على ارتكاب جريمة أو المساس بالمقدسات، و إن كان البعض يرى أن المقدم زايد يخرج أحيانا عن مقتضيات التعليق إلى التحقير و الزراية بالشخص المنتقد، و غير ذلك من أساليب النقد المبالغ فيها لكنه يظل نقدا مادام لم يختلط بالتشهير، أو خدش شرف الشخص المنتقد و اعتباره، و هو مما ينبغي أن يغتفر له – في نظر الكثيرين-لأنه مجرد اندفاع و حماس زائد هدفه تشويق المستمعين أو إبراز لفكرة معينة، في جدل وجهته المصلحة العامة.
لا شك أن هذا القرار يشكل نقطة تحول في ما ينعم به البلد من حريات في الإعلام تحسب لنظام ولد عبد العزيز، و هو ما يحتم على الفرقاء السياسيين أن يضيفوا هيئة "الهابا" إلى مضامين الحوار المرتقب لأنها بدأت تأخذ دورا أكبر من حجمها، و تدس أنفها في كل صغيرة و كبيرة، و هو ما سيشكل انتكاسة للحريات الإعلامية ،فالحظر ليس حلا بل إن الكثير من المراقبين يرون أن هذا القرار أكسب " صحراء توك" جمهورا أوسع مما كان لديه و أعطى ل" زايد" شهرة ربما لم يكن يحلم بها.
عال ولد يعقوب.