يُريد الحوار..و يُريدون الفرار/ خديجة بنت هنون
حسب الموريتانيون السنتيْن الماضيتين دهرًا طويلا و هم ينتظرون حصاد حوار سياسي تتراضاه العقول الراجحة وتقبله الفطر السياسية السليمة , وهو بالضبط ما سعى إليه الرئيس محمد ولد عبد العزيز بجد, وصبَر عليه الصبْر الجميل, ولقي في سبيل ذالك الصدود والإعراض والإتهام من قبل محاوريه المفترضين تحت عناوين متعددة لا تسعفها الحجة.
لم تتمخض السنتان الطويلتان حتى الآن عن حوار جدي يتطلع إليه المواطن الموريتاني بلهَف , لكنهما كانتا بمثابة آلة كشف عجيبة داخل حقل تجارب متطور أبَانَتْ لنا بدقة عن الطينة السياسية للبعض وتصورهم للحوار وطموحاتهم حياله , ومشروعاتهم السياسية الأزلية التي لا تتأثر بالأحداث ولا تهزها التطورات .
فتجد أن غلاة المعارضين مثلا يعتبرون أن الحوار السياسي الحقيقي هو ذالك الحوار الذي تُسلم السلطة بعده مباشرة لهم همْ شخصيا- لا غيرهم , حيث يتحقق الحلم القديم المتجدد في قيادة البلد , وإلا اعتبروا أنهم “لُدغو في الجحر مرتيْن” , فهؤلاء طبعا لن يدخلوا الحوار ولو أنفق عليهم الشعب ما تبقى من زمن المأمورية الثانية.. “إن يريدون إلا فرارا”.., ولعلها هي “العوامل النفسية” التي تحدث عنها بعض السياسيين والإعلاميين في الأيام الأخيرة.
فئة أخرى “معارضة” غالبا , وقالت ذات مرة إنها “ناصحة” .. تتبنى الآن خطابا إعلاميا حديا , و ترى أن الشروط الموضوعية للحوار لم تتحقق بعد , وباتتْ تُلوح بعدم المشاركة و حتى الإستقالة الجماعية إثر استقالة “رجل الأعمال-النائب”.
لكن خبرة السنين أثبتت أن الجماعة لا تستغني عن المشاركة في اللحظة الأخيرة طلبا للسلطة – وإن راوغتْ كثيرا من أجل إثبات العكس للرأي العام – أحْرى أن تستقيل من مواقع حصلت عليها بشق الأنفس, وهذه أيضا تريد الفرار من الحوار الذي هو واجبها أمام الوطن , لكنها لا تستطيع الفرار في وجه المناصب والمواقع السياسية المتوقفة عليه.
بقي السواد الأعظم من الموريتانيين معارضة وموالاة يوقنون بأن السلطة يمنحها الشعب لمن يشاء , ويهُمهم جدا أن يروْا بلدهم في أحسن حال بعيدا عن الويْلات التي تعيشها بلدان كانت إلى وقت قريب في أمن وأمان.
هؤلاء يريدون الحوار ويستعجلونه أيضا ويدفعون في اتجاه إقامته , ويرى المنصفون منهم أن رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز بذل فوق جهده من أجل لمً الشمل وإشراك الجميع , لكن البعض “حسدا من عند أنفسهم” لا يريد أن تُكللَ نجاحات الرجل بالنجاح الكبير.
خديجة بنت هنون / كاتبة صحفية