المال، والإعلام سيحسمان أي انتخابات مقبلة في موريتانيا
لقد كانت الانتخابات في موريتانيا سابقا مجرد تمرين شكلي، تتحكم السلطة الحاكمة في نتائجه، عبر وزارة الداخلية، وكانت مهمة منع تزوير الانتخابات مهمة مستحيلة، لكن الوضع اليوم في موريتانيا اختلف تماما، وباتت أي انتخابات تشكل تحديا حقيقيا للنظام للفوز بها، فعمليات التزوير لم تعد ممكنة، على الأقل بالشكل القديم الذي يضمن للنظام التحكم في النتائج، ليس فقط بسبب وجود اللجنة المستقلة للانتخابات التي بها أعضاء من المعارضة، وهي المسؤولة عن العملية الانتخابية، ليس هذا فحسب، بل إن وجود منافسين في الانتخابات لا يدورون بالضرورة في فلك النظام يشكل عاملا يصعب تزوير الانتخابات، والأهم من كل ذلك هو تطور وسائل الإعلام، والتواصل، ووعي المواطن، وهو ما يجعل من تمرير أي تزوير، والتستر عليه أمرا أصعب من التزوير نفسه، فمع انتشار استخدام فيسبوك، وواتساب، وكثرة المواقع الإلكترونية التي تنشر كل شيء، باتت أي عملية تزوير مغامرة قد ترتد على مرتكبها، وتفضحه على رؤوس الأشهاد، وقد تجره إلى المحاكم.
ومع دخول موريتانيا سنة انتخابية بامتياز، وبدء العد العكسي لرئاسيات العام المقبل الحاسمة، يتساءل الكثيرون من سيكسب رهان هذه الاستحقاقات الانتخابية، وبأي وسائل سيتم حسم السباق الانتخابي، في ظل صعوبة، أو استحالة التزوير ؟؟؟.
تقوم أي عملية انتخابية على عامل مهم وهو "الدعاية" واليوم يشكل الإعلام - التقليدي، والحديث- أهم وسيلة للدعاية الانتخابية، والتأثير في قناعات الناخبين، وشرح البرامج، وتشويه المنافسين، لذلك فإن من يمتلك ناصية الإعلام، ويحسن استغلاله سيكسب معركة الرأي العام لصالحه، ومن يخفق في الإعلام سيظل خارج دائرة الاهتمام، وسيكون عرضة لضربات خصومه السياسيين، الذين يستطيعون - عبر الإعلام- تحويل حسناته إلى سيئات، وتشويه صورته لدى الرأي العام، وحشره في الزاوية، مهما امتلك من برامج ناجحة، أو أفكار بناءة.
كما يشكل المال السياسي عاملا حاسما في أي انتخابات مقبلة في البلد، ذلك لأن الموريتانيين يتعاملون مع المناسبات السياسية باعتبارها مواسم لجني الأرباح، والاستفادة المادية، فضلا عن أن الجانب الفني، واللوجستي لأي انتخابات يحتاج للمال لتمويله، لذلك فإن من يدفع أكثر سيكسب أكثر في أي انتخابات، ومن يتبع سياسة التقشف، ويتعامل مع السياسة باعتبارها شركة، يديرها بمنطق الربح والخسارة، ويتحسس جيبه، سيندم حين يتم فرز صناديق الاقتراع، فالناس في هذا البلد لا تهمهم البرامج الانتخابية للمترشحين، بقدر ما يهتمون بمصالحهم الشخصية، والمحلية، وعليه فإن المال، والإعلام سيحسمان أي انتخابات مقبلة في موريتانيا.