المشاركة في الانتخابات، ومقاطعتها.. ومنزلة بين المنزلتين (تقرير)
عقدت أحزاب معارضة يوم أمس بانواكشوط مؤتمرا صحفيا مطولا، انتهى دون اتخاذ موقف حاسم من نتائج الانتخابات، واكتفى رؤساء أحزاب: التحالف الشعبي،وتواصل، والوئام، والصواب، والتجديد، اكتفوا بكيل الشتائم، والتهم للجنة الانتخابات، ووصفوها بأقبح الأوصاف، وأجمعوا على تزوير الانتخابات، وأجلوا اتخاذ موقف حاسم.
وقال رئيس التحالف: إنهم "تحالفوا" ضد تزوير الانتخابات، أما رئيس الوئام فقال: إن اللجنة تهدد "الوئام" والسلم الأهلي، وقال رئيس تواصل: إن "تواصل" هذه الخرقات بشكل كبير فاق توقعاتهم، وكشف رئيس التجديد عن "نوع جديد" من التزوير على حد قوله، أما رئيس الصواب فأكد أن لجنة الانتخابات جانبت "الصواب" .
بيد أن الغريب، والمريب في هذا التشكيل السياسي الجديد أنه غير متجانس، ولا يجمع بينه الماضي، ولا الحاضر، فحزب تواصل كان بالأمس القريب في أقصى يمين المعارضة، ومن صقور المنسقية، قبل أن يشق صفها بمشاركته في الانتخابات، وبعد فقده لماء وجهه بهذا القرار، وبعد حصده لمكاسب جيدة في البلديات، والنواب فمن شبه المستحيل أن ينسحب من هذه الانتخابات، بعد أن ضمن مكاسب قد لا تتوفر له في أي انتخابات أخرى.
أما حزب الوئام فقد كان من أشد المدافعين عن المشاركة في الانتخابات حتى قبل أشهر عديدة من تنظيمها، ويرى المراقبون أنه ورث العديد من شعبية التحالف الشعبي، وأنصار ولد الطايع، وأصبح حزبه من بين الأحزاب الكبيرة رغم قصر تجربته، لذلك فهو لن يجازف بالتصعيد، والتفريط في هذه المكاسب، هذا فضلا عن أن بيجل ولد هميد هو في الأصل رجل "موالاة" ولم يمارس المعارضة الفعلية عبر تاريخه السياسي.
أما حزب التحالف الشعبي فيبدو زعيمه مسعود ولد بلخير كمن يتباكى على أمجاد سابقة، ويقف على أطلال مملكة تبخرت من بين يديه، وأصبح يتفرج على المشهد، بعد أن كان لاعبا مهما فيه، لذلك فالرجل يتهم المستقلة للانتخابات بأنها تحاول تشويه صورته لدى الشعب، ونزع مكانته من نفوس الموريتانيين- على حد قوله-
كما اتهم المعارضة، والنظام بأنهما يتكالبان عليه حسدا له، وغيرة منه!! هو إذا منشغل بإنقاذ ما يمكن إنقاذه من شعبيته، ويستخدم في ذلك كل الوسائل، فإن حققت له الانتخابات مكاسب جيدة يقبلها-على مضض- وإن خسر فيها يرفضها، ويصعد، فهو كما قال "ما بوه حد أو لاه خوه".
أما حزب "الصواب" و"التجديد" فهما من أحزاب الدرجة الثالثة، ويترنحان بين المعارضة "المهادنة" والأغلبية، ويعرفان جيدا حجم قوتهما، وحدودها.
فماذا بإمكان هذه الأحزاب أن تفعل؟؟ أتصعد.. وتدفع الثمن؟؟ أم تعترف بالنتائج وتتقبلها من باب أخف الضررين؟؟
الأكيد أن الوقت لا يسعف الجميع، فالشوط الثاني بعد أقل من أسبوع، فهل ستنفذ هذه الأحزاب تهديداتها وتنسحب من الانتخابات في منتصف الطريق، أم أن تهديداتها مجرد مناورة للاستهلاك السياسي؟؟؟.