مهرجان ولاته.. الثقافة في خدمة السياسة
تستعد مدينة ولاته التاريخية لاستقبال النسخة الرابعة من مهرجان المدن القديمة، تلك التظاهرة التي باتت حدثا سنويا رسميا، كما هو الحال مع "لقاء الشعب" الذي احتضنته عاصمة الحوض الشرقي كذلك قبل أشهر، هو إذا لقاء أراده الرئيس الموريتاني ولد عبد العزيز تظاهرة ثقافية، تعيد الاعتبار لهذه الحواضر التاريخية التي كادت تندثر.
تنظيم نسخة هذه السنة في استراحة ما بين الشوطين، الانتخابات التشريعية، والرئاسية، طبع هذه النسخة بنكهة سياسية خالصة، ويتوقع المراقبون أن يكون الفاعلون السياسيون، والوجهاء، والمنتخبون أكثر حضورا في ولاته من الشعراء، والأدباء، ورجال الثقافة، والفكر.
ولاته، تلك المدينة النائية، الواقعة في أقصى الشرق الموريتاني، تحاول هذه الأيام نفض غبار من النسيان، تراكم على مدى عقود، حيث لا حضور لولاته إلا في كتب التاريخ، لعنة النسيان هذه لاحقت ولاته حتى وهي تستقبل رئيس الدولة، وضيوف المهرجان الثقافي، فانعكست في ضعف التحضير، والدعاية لنسخة ولاته من المهرجان الثقافي، بعكس النسخ السابقة لها، التي ملأت الدنيا ضجيجا حتى قبل انطلاقها بأيام.
ومن مؤشرات تسييس هذه التظاهرة الثقافية أن بعض أطر الحوض الشرقي، وسياسييه بدؤوا في نصب خيمهم، وحشد مناصريهم، لاستعراض شعبيتهم أمام رئيس الجمهورية، ويرى البعض في هذه المناسبة فرصة لتبرئة ذمته من تهم دعم المعارضة، التي تلاحق بعض السياسيين، خصوصا في مقاطعة جيكني، وأصبحت هذه التهمة هاجسا يؤرق هؤلاء، جعلهم يقطعون آلاف الكيلومترات من أماكن عملهم، لحضور هذا المهرجان، ولم يأتوا ليقدموا مشاركة ثقافية من أي نوع كانت، بل جاءوا لممارسة السياسة في موسم الثقافة.
ومن الملامح السياسية لهذه التظاهرة أن معظم – إلم نقل كل- المشاركين فيها عادة ما يكونون من مثقفي النظام، بمعنى أن جميع المشاركات، والفعاليات، والعروض الثقافية يتم إخراجها بطريقة دعائية للنظام، ما يحيد بالثقافة عن حياديتها المفترضة، ويجعلها في خدمة السياسة، وليس العكس.