استئجار الدولة لمنازل خصوصية، هدر للمال العام، وضرب لهيبة الدولة (ح1)
في ظاهرة غريبة، لا تكاد تجد لها مثيلا إلا في موريتانيا، تتعمد الدولة تأجير منازل خصوصية لتكون مقرات لمرافق عمومية، وإدارات حيوية، ويحصل ذلك في العاصمة انواكشوط، والمدن الداخلية، والغريب في الأمر أن بعض الإدارات الحكومية يتخذ من منازل شخصية مقرا له منذ سنوات، وحتى منذ عقود، رغم وفرة الأرض، وقدرة الدولة على تشييد مبان تابعة للدولة لهذه المرافق العمومية، كما أن المبالغ التي تم إنفاقها على تأجير المنازل كافية لتشييد عدة مبان عمومية، هذا بمنطق الربح والخسارة.
وعلاوة على استنزاف هذه الظاهرة لموارد الدولة مع إمكانية تفادي ذلك، فإن عجز الدولة عن بناء مكاتب في العاصمة لإدارات حيوية، مثل القضاء، والإدارة المحلية، وغيرها، يعتبر ضربة معنوية لهيبة الدولة، وصورتها في ذهن المواطن، فإذا كان بعض مسؤولي الدولة ينجحون في تشييد قصور فاخرة شخصية بعد أشهر، أو حتى أسابيع من تعيينهم في مناصبهم، فكيف تعجز الدولة على مدى عدة سنوات عن بناء مقر لولاية، أو محكمة، أو إدارة عمومية ؟؟!!.
يقال دائما.. إذا عــُرف السبب بطل العجب، عندما تفتش عن تلك المباني، والعمارات التي تؤجرها الدولة، وتسأل عن أصحابها، تكتشف أن معظمها – حتى لا نعمم- تعود ملكيته لمقربين من بعض الدوائر الرسمية في الدولة، وقد ارتبط بعقود إيجار طويلة الأمد مع الدولة، وأخذ أمواله بشل مقدم، ونأخذ كمثال فقط، مقر اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، ومقر ولاية انواكشوط الجنوبية، ومقرات قصور العدل في بعض ولايات العاصمة، كل هذه المباني تعود لمتنفذين، تمنحهم الدولة سنويا مبالغ مالية ضخمة، مع احتفاظهم بملكية منازلهم، ومع قدرة الدولة على تشييد بنايات محترمة خاصة بها، خاصة إذا علمنا أن هذه المنازل الخصوصية لم تشيد أصلا لتكون مرافق عمومية، فإلى متى ستستمر هذه الظاهرة المشينة..؟!.
والمفارقة أنه في الوقت الذي تؤجر فيه الدولة منازل لأشخاص بمبالغ كبيرة، تقوم الدولة نفسها ببيع مبان عمومية أخرى لرجال أعمال في مزادات علنية.
(الوسط) قرر فتح هذا الملف، وسيزود قراءه الكرام بمعلومات مفصلة عن المباني الخصوصية التي تؤجرها الدولة، وبعضها مؤجر منذ عقود، وبمبالغ كبيرة، تفوق قيمة الإيجار الحقيقية، وسنبحث في الطرق التي يسلكها أصحاب هذه المباني للحصول على تلك العقود، ونتساءل عن سبل إنهاء هذه الظاهرة..
يتواصل..