إقحام الجيش في السياسة.. فشل في الخطاب، أم خطأ في الحساب ؟!
مرة أخرى، تعود أطراف سياسية معارضة لتقحم المؤسسة العسكرية في سجالها السياسي العقيم، متخذة من الجيش الوطني شماعة تعلق عليها فشل مشروعها السياسي، وأكثر من ذلك تستجدي هذه الأطراف الجيش الوطني للقيام بانقلاب في البلد، وكأن الجيش ينتظر رأيا من ولد بتاح، أو تعليمات من ولد داداه ليقرر ما يفعل..!!.
رغم أن معظم المراقبين المحايدين، وخبراء السياسة في هذا البلد يؤكدون أن مؤسسة الجيش هي المؤسسة الوحيدة المنظمة بشكل جيد، والقادرة على القيام بالأدوار التي تـُكلف بها باقتدار، كما أن الجيش الوطني القطاع الوحيد الذي يحترمه الجميع، ويعتبره صمام أمان وحدة البلد، وضمان أمنه، إلا أن المراقبين يلاحظون أن الجيش الوطني انكب خلال السنوات الأخيرة على تطوير ذاته، وتحديث ترسانته، وتكوين ضباطه، مركزا على ساحات الوغى، وميادين الدفاع عن الوطن، ولم ينشغل الجيش الوطني بصراعات السياسيين، ولم يعلق قادته على ما يصفه البعض بحديث التقاعد الذي ينشغل به بعض الساسة هذه الأيام.
صحيح أن القادة العسكرين (قادة الجيش، والأجهزة الأمنية) هم أبناء هذا المجتمع، ولا ينتمون إلى عالم آخر، ينحدرون من عمقه الاجتماعي، يؤثرون، ويتأثرون بما يدور في وطنهم، لكن لا يعني ذلك انخراطهم في اللعبة السياسية بالمعنى المباشر، ويرجع البعض استخدام بعض السياسيين للجيش كوقود لخطابه السياسي، تارة بالهجوم على الجيش الوطني، ونعته ب"المليشيات"، وتارة بمغازلته، والتودد له، واستجدائه بالتحرك، يرجع البعض كل ذلك إلى التخبط، والإحباط الذي ينتاب البعض من عدم تحقيقه لاختراق في المشهد السياسي، فمن يعجز في ميادين السياسة، لا شيء أسهل عليه من تعليق فشله على شماعة الجيش الوطني.
ويستغرب البعض حديث قادة أحزاب سياسية تطالب بترسيخ الديمقراطية في البلد، حديثها عن تشجيع انقلاب عسكري، وإبداء الاستعداد – ضمنيا- لدعم الانقلابات من جديد، لكن المؤكد – برأي البعض- أن من عجز عن تحريك الشارع لن ينجح في تحريك الجيش، ومن فشل في الإطاحة بالنظام عبر الانتخابات لا سبيل له لفعل ذلك عبر الدبابات، فالجيش يعرف كيف، وأين، ومتى يتحرك.