هل ستـُـفشل لجنة إصلاح الحزب حملة الانتساب ؟!
يعتبر الإنفاق المالي على السياسة أحد القضايا المثيرة للجدل في جميع الدول الديمقراطية، وما يجمع عليه الكل هو استحالة ممارسة السياسية، وتحقيق نتائج إيجابية فيها بدون تمويل، وقد بات مصطلح "كبار المتبرعين" مصطلحا شائعا في أمريكا مثلا، فهناك المتبرعون للحزب الجمهوري، وهناك المتبرعون للديمقراطيين، من شركات، ومؤسسات، ورجال أعمال..
وفي موريتانيا كانت القضية في منتهى البساطة خلال نظام ولد الطايع، حيث يبادر رجال الأعمال للإنفاق بسخاء على الحزب الجمهوري، ليستردوا أموالهم بعد ذلك - وبفائض كبير- في شكل صفقات، وإعفاءات ضريبية، ومع وصول رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز إلى السلطة حاول وضع حد لذلك، لكن الأموال ظلت تتدفق على خزائن الحزب الحاكم خلال المأمورية الأولى لولد عبد العزيز، كما أن الجميع يتذكر حجم التمويل الضخم لحملة ولد عبد العزيز لرئاسيات 2009، لكن حالة من العجز المالي، والتقشف الشديد ضربت صفوف أنصار النظام، خلال الاستفتاء الشعبي الأخير، وهو ما جعل أطر الأغلبية يمولون حملة الاستفتاء من جيوبهم، ولا يبدون مستعدين اليوم لتكرار التجربة مع حملة الانتساب.
ومع استحواذ اللجنة الفنية التي شكلها رئيس الجمهورية على جميع جوانب عملية الانتساب، وما سبقها من أيام تشاورية، والحزب -ممثلا برئيسه- مجرد عضو في اللجنة، يلاحظ المراقبون حالة من العجز في تسيير هذه العملية، بدء بتحصيل التمويل، وليس انتهاء بتعيين لجان الانتساب، فاللجنة التي تضم وزير الاقتصاد والمالية، الممسك بمصادر المال هي المخولة باستدعاء رجال الأعمال، ومطالبتهم بتمويل الحراك السياسي للنظام، والحزب الحاكم - على الأٌقل في ظل قيادته الحالية- لم يطلب يوما من رجال الأعمال دفع المال، مع أن ذلك ليس معرة، ولا فضيحة سياسية، ففي الدول العريقة الديمقراطية يمول رجال الأعمال الأحزاب السياسية بشكل علني، ومكشوف.
وإذا ما تجاوزنا الجانب المالي، نلاحظ أن حملة الانتساب الحالية للحزب الحاكم يصاحبها فتور إعلامي غير مسبوق، فمع انطلاقتها فعليا لا تكاد تجد لها أي تغطية في وسائل الإعلام، ولا تشاهد أي إعلان ترويجي لصالح الانتساب في أي وسيلة إعلام، وحتى على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي لا تلاحظ اهتماما بها من قبل المدونين، بعكس حملة انتساب حزب تواصل قبل أشهر قليلة، فحينها لا تكاد تتصفح موقعا إلكترونيا إلا وشاهدت إعلانا ترويجيا يدعوك للانتساب لحزب تواصل، كما أن تحركات بعثات حزب تواصل في عموم التراب الوطني كانت تحظى بتغطية إعلامية مكثفة، بينما بعثات الوزراء قبل أسبوعين لعواصم الولايات لم يـُنشر عنها إلا القليل، وبعضها تمت تغطيتها بشكل سلبي، أتى بنتائج عكسية.
كل هذه المعطيات تثير تساؤلات واردة، من قبيل.. إذا كانت لجنة إصلاح الحزب قد جمعت الأموال اللازمة لتمويل هذه العملية، فأين أنفقتها، وهل ستعيدها إلى خزينة الدولة، كدليل على الشفافية ومحاربة الفساد ؟؟؟، ولماذا أهملت اللجنة الجانب الإعلامي على أهميته، فلو لا تغريدات رئيس الحزب، والسجال الإعلامي حولها لمرت حملة الانتساب مرور الكرام، فهل ستتدارك لجنة إصلاح الحزب هذه الاختلالات، أم أن انشغال بعض أعضائها بتحقيق مكاسب سياسية محلية سيشغله عن إنجاح عمل اللجنة بشكل عام ؟؟!!!.