تعرف على "الثلاثة الذين خُلفوا" عن استقبال الرئيس (كواليس مثيرة)
شكلت زيارة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني اليوم السبت لمركز هامد الإداري بمقاطعة كنكوصه فرصة لمنتخبي، وأطر، ووجهاء، ورجال أعمال ولاية لعصابه لاستعراض عضلاتهم السياسية على صعيد قرية ملل الواقعة على بعد أقل من 2 كلمترا من حدود جمهورية مالي، وبدا التمايز بين المقاطعات واضحا، فكل مقاطعة رفعت لافتة باسمها، وحشرت القادمين منها تحت تلك اللافتة، في مشهد أظهر أن الجميع يستغلون زيارة رئيس الجمهورية لتسليط الضوء على حضورهم السياسي، ولم يكن الهدق -بالضرورة- إبداء الولاء والفرح بزيارة رئيس الجمهورية، فولاء هؤلاء الثابت هو لمصالحهم الشخصية، يدورون معها حيث دارت، ويميلون مع ريحها حيث مالت.في هذا التقرير الحصري الذي أعده موفد موقع الوسط إلى قرية ملل، نسلط ضوءا كاشفا على زوايا أريد لها أن تبقى مُظلمة، وإن كانت في الوقت ذاته واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار.
كل على ليلاه يغني..
رغم تمايز جماهير كل مقاطعة وأطرها عن المقاطعات الأخرى، إلا أن أهل كل مقاطعة لم يكونوا على قلب رجل واحد، فكلهم يغني على ليلاه، وكلهم يزعم أنه السياسي الأبرز في مقاطعته، والأكثر شعبية، في محاولة لإقناع الرئيس والنظام عموما بأنه هو العنوان الأبرز لتلك المقاطعة، وهذا الزعم قد لا تعضده الحقائق على الأرض، في مشهد شبيه بقول القائل..
وكل يدعي وصلا بليلى/ وليلى لا تقر لهم بذاكا
نحو مائتي خيمة على الأقل تم نصبها على صعيد فسيح في قرية هادئة، ربما لم يتوقع سكانها القلائل أنهم سيجدون أنفسهم يوما أمام عملية "النصب" هذه، من أناس ربما لا تعوزهم الخبرة في النصب، فنصب الخيام كان دقيقا ومضبوطا بحدود واضحة، ورغم كثافة الحشد، لم يكن الحضور على مستوى الأطر والمنتخبين شاملا، بل سُجلت غيابات بارزة.
تعرف على "الثلاثة الذين خُلفوا"..
المتابع للمشهد من المنصة الرسمية، وأروقة الخيام، يلاحظ أن معظم أطر، ومنتخبي الولاية حضروا، فالوزراء المحسوبون على الولاية كانوا في الميدان، باستثناء وزير وحيد ربما غيابه بدا مبررا بحكم طبيعة وظيفته، كما حضر وزراء سابقون، هم الآن في بطالة وظيفية، أو لنقل على دكة البلادء في انتظار فرصة الاستدعاء من جديد، كما حضر المنتخبون المنتمون للولاية في غالبيتهم، لكن أبرز الغائبين كانوا ثلاثة، منهم من بعُدت عليه الشقة، لوجوده خارج البلاد، مثل الإطار والزعيم التقليدي وقائد حلف الأصالة والمستقبل السفير الموريتاني في إيران سيدي محمد ولد محمد الراظي، ونائب مقاطعة كيفه لمرابط ولد الطالب المين، الذي يبدو أنه آثر هذه المرة تجارته على سياسته، وهو الذي لم يكن يفوت مناسبة كهذه، ليبقى السؤال مطروحا عن أسابا تخلف ولد الطالب المين عن استقبال رئيس الجمهورية في الولاية، أهم مؤشر امتعاض، أم صدفة عابرة.
وثالثة "الثلاثة الذين خُلفوا" عن استقبال رئيس الجمهورية كان غيابه فعلا محيرا، وغير مفهوم، وهو رئيس اتحاد أرباب العمل الموريتانيين زين العابدين الشيخ احمد، الذي وصل مدينة كيفه بالفعل قبل يومين فقط من موعد الزيارة، عبر رحلة خاصة للموريتانية للطيران، لكنه توارى عن الأنظار، ولم ينظم أي نشاط سياسي تحضيرا للزيارة الرئاسية، كما تغيب عن حفل توزيع عشرات آلاف القطع من الزي المدرسي تم توزيعها باسمه على تلاميذ مقاطعة كيفه.
وبصرف النظر عن مسوغ كل واحد من الثلاثة لتبرير تغيبه، إلا أن المؤكد أنهم جميعا سيقولون "لو استطعنا لخرجنا معكم" وذلك حين تحين ساعة فرز الحساب، وتقييم الزيارة في بُعدها السياسي، وهم يعرفون أكثر من غيرهم أن "الغايب ماه شيخ أهلو"، وليس من غاب كمن حضر.