نجاح القمة خلفه أربعة عناصر هي...
تنظيم القمم الهامة، أو التظاهرات الرياضية الكبيرة، هو حدث تتسابق له الدول عادة، وتستخدم نفوذها للفوز بشرف تنظيم هذه القمة، أو تلك التظاهرة الرياضية، صحيح أن موريتانيا خلال السنوات الأخيرة باتت تذكر في مقدمة الدول الإفريقية، والعربية، ليس بأموالها، وثرواتها، بل بحضورها الدبلوماسي البارز، ودورها المحوري في المنطقتين: العربية، والإفريقية.
في عهد الرئيس محمد ولد عبد العزيز ترأست موريتانيا الاتحاد الإفريقي، وترأست عدة لجان إفريقية، ولعبت دورا بارزا في حل نزاعات القارة المستعصية، وعلى المستوى الدولي نجحت حكومة المهندس يحي ولد حدمين في حصد مقاعد لموريتانيا في لجان الأمم المتحدة المختلفة، بعد منافسة شرسة مع دول أخرى.
واليوم تترأس موريتانيا العرب، بعد استضافتها، وتنظميها لواحدة من أنجح قمم العرب، بشهادة الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، كلنا نتذكر قمما عربية تحولت إلى منابر لتبادل الشتائم بين قادة العرب، وقمما أخرى عمقت الجراح العربية، بدل معالجتها، وقمما أخرى لم يحضرها من قادة العرب إلا النزر اليسير.
أما قمة انواكشوط، فكانت توافقية، كرست لها الحكومة الموريتانية كامل الجهد، والإمكانات المادية، والبشرية، فجاء الحدث تماما كما خطط له، وأفضل.
الوضع الأمني كان ممتازا، جمعت فيه موريتانيا بين الصرامة، والبساطة، فالأمن كان في أعلى درجاته، ولم يترك شيء للصدفة، ومع ذلك لم ينتشر الجيش في الشوارع، كما أشيع، ولم تغلق الأسواق، والشوارع، بل ظلت انواكشوط تعيش أجواء طبيعية احتفالية بامتياز.
وعلى المستوى اللوجستي كانت ظروف إقامة الضيوف العرب، وغيرهم مريحة، تفننت فيها موريتانيا في أصناف كرم الضيافة المعروف لدى الشناقطة، وعلى المستوى البروتوكولي حرصت الحكومة على إعطاء كل ذي حق حقه، فأنزلت الحكومة كل ضيف منزلته، وكان رئيس الجمهورية يتابع أدق تفاصيل القمة، ويعطي تعليماته، لتقوم الجهات الحكومية بتنفيذها على الفور.
هو إذا انسجام تام بين مؤسسة رئاسة الجمهورية، والحكومة، وتنسيق وثيق بين الأجهزة الأمنية المختلفة، ومساندة من الشعب الموريتاني لحكومته في تنظيم هذا الحدث الهام، أثمر كل ذلك انتصارا لموريتانيا، انتصار قد لا يروق للبعض، ممن كانوا يراهنون على فشل موريتانيا في رفع التحدي.
خلال الأشهر الثلاثة التي حضرت فيها موريتانيا للقمة، قامت الحكومة بإنجاز العديد من البنية التحتية في العاصمة، غير شكل العديد من أحيائها، وطرقها، وتلك قيمة مضافة سيستفيد منها الشعب الموريتاني على مدى الأعوام المقبلة، ولعل هذه الإنجازات هي ما جعلت الشعب يلتف حول رئيسه، وحكومته، فحتى أحزاب المعارضة لم تستطع أن تزايد، ولا أن تشوش على الحدث، بعدما تبين لها أن استضافة موريتانيا للقمة العربية هو إنجاز لموريتانيا، أرضا، وشعبا، وليس فقط إنجازا للرئيس، أو الحكومة الحاليين.
ويرى المراقبون أن حكومة المهندس يحي ولد حدمين اجتازت بنجاح كبير أهم اختبار، عندما منحت لموريتانيا شرف تنظيم قمة بهذا الحجم، قال عنها الأمين العام لجامعة الدول العربية بالحرف " لم نشاهد أي شيء يمكن التعليق عليه سلبيا خلال هذه القمة".
فرجاء.. لا تقللوا من حجم الإنجاز، ولا تفسدوا على الشعب فرحته، فموريتانيا بعد القمة لن تكون كما قبلها، حضورا، ومكانة، ودورا، اقتصادا، ودبلوماسية،.. وسيذكر التاريخ أن رئيسا اسمه محمد ولد عبد العزيز، وطاقما حكوميا، يقوده مهندس اسمه يحي ولد حدمين هم من حققوا ذلك لموريتانيا، بمؤازرة من الشعب، وبدعم طبعا من أجهزة أمنية وطنية، سهر قادتها الليالي، وهجر أفراها أهلهم، وبذلوا كل تضحية من أجل إخراج الحدث بصورة تليق بموريتانيا، وهو ما تحقق بفضل الله.
بقلم: سعدبوه ولد الشيخ محمد